الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

وقت الفجر الصادق

السؤال

ما هي الطرق التي أستطيع بها معرفة الفجر الصادق ؟ أجتهد صباحاً في تحري الفجر الصادق , وذلك لمعرفة وقت الصلاة والإمساك ، وذلك لي ولأصدقائي ، لأني أقيم في الصين , والمسلمون هنا يعتمدون التوقيت من الإنترنت , لكنه غير دقيق ، وبناء عليه فهم يصلون الفجر قبل دخول الوقت ، ولكن فيما لو لم أستطع ضبط التوقيت بشكل صحيح ( لأني أقربه إلى حين ذهاب العتمة وظهور الضوء ) ، فهل عليَّ إثم في ذلك ؟ .

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على تحريك الحق والصواب في عبادتك ، ونسأله تعالى أن يوفقك ويزيدك من فضله على حبك للعلم وحرصك على التعلم .
واعلم أن الفجر فجران : فجر كاذب لا يدخل معه وقت صلاة الفجر ، ولا يمنع من الطعام والشراب والجماع لمن أراد الصوم ، وفجر صادق ، وهو الذي يدخل معه وقت صلاة الفجر ، ويمنع من الطعام والشراب والجماع في الصيام ، وهو المقصود بقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
وقد صرَّح النبي صلى الله عليه وسلم بالفرق بينهما في أحاديث كثيرة ، بعضها في التفريق بينهما من حيث الأوصاف ، وبعضها الآخر من حيث التفريق بينهما في الأحكام ، وبعضها جمعت بين الأوصاف والأحكام .
انظر هذه الأحاديث في جواب السؤال رقم ( 26763 ) .
وقد جاء التفريق واضحاً بين الفجرين في كلام الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم من أئمة العلم .
قال ابن كثير رحمه الله :
"وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال : سمعت ابن عباس يقول : هما فجران ، فأما الذي يسطع في السماء : فليس يُحِلّ ولا يحرِّم شيئاً ، ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال هو الذي يحرّم الشراب .
قال عطاء : فأما إذا سطع سطوعاً في السماء - وسطوعه أن يذهب في السماء طولاً - : فإنه لا يحرم به شراب لصيام ولا صلاة ، ولا يفوت به حج ، ولكن إذا انتشر على رؤوس الجبال : حرم الشراب للصيَّام ، وفات الحج .
وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس وعطاء ، وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف رحمهم الله" .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 516 )
وقال ابن قدامة رحمه الله :
"وجملته : أن وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر الثاني إجماعاً ، وقد دلَّت عليه أخبار المواقيت ، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ، ويسمَّى " الفجر الصادق " ؛ لأنَّه صدقك عن الصبح وبيَّنه لك ، والصبح ما جمع بياضاً وحمْرة ، ومنه سمِّي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة : "أصبح"
فأما الفجر الأول : فهو البياض المستدق صعداً من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ، ويسمَّى " الفجر الكاذب " ثم لا يزال وقت الاختيار إلى أن يسفر النهار .
" المغني " ( 1 / 232 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"وذكر العلماء أن بينه - أي : الفجر الكاذب - وبين الثاني ثلاثة فروق :
الفرق الأول : أن الفجر الأول ممتد لا معترض ، أي : ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني : معترض من الشمال إلى الجنوب .
الفرق الثاني : أن الفجر الأول يظلم ، أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً وإضاءة .
الفرق الثالث : أن الفجر الثاني متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق ظلمة .
وهل يترتب على الفجر الأول شيء ؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعيَّة أبداً ، لا إمساك في صوم ، ولا حل صلاة فجر ، فالأحكام مرتبة على الفجر الثاني" انتهى .
" الشرح الممتع " ( 2 / 107 ، 108 ) .
ثانياً :
وأما ما يوجد في التقاويم فإنه ليس مصدر ثقة في معرفة وقت صلاة الفجر ، فقد ثبت خطأ هذه التقاويم .
فالواجب عليكم عدم اعتماد التقاويم في معرفة صلاة الفجر ، وعليكم تحري الوقت الصحيح بما ذكرناه لك من فروق بين الفجر الكاذب والصادق ، وإذا لم تستطع النظر في كل يوم في السماء : فإنه يمكنك وضع وقت احتياطي بعد أذان التقويم ، وبلادنا يختلف فيها هذا الوقت من بلد لآخر ، ومن فصل لآخر ، فيمكنك اعتماد وقت " نصف ساعة " مثلاً لتصلي فيه الفجر ، على أن تحتاط في الإمساك عن الطعام والشراب قبل ذلك .
ويمكنكم وضع تقويم صحيح لتعتمده الأجيال بعدكم بعد أن تتحروا الفجر الصادق خلال عام كامل ، وفي أوقات متفرقة ، عسى أن يكتب لكم أجر تصحيح عبادات المسلمين .
وعلى هذا ، فإذا أمكنكم متابعة وقت الفجر بأنفسكم ، فإنكم تعملون بذلك في الصلاة والصيام ، وإن لم يمكن ، فإنكم لا تصلون حتى يغلب على ظنكم دخول وقت الصلاة .
وأما في الصيام فلكم أن تأكلوا وتشربوا حتى تتيقنوا طلوع الفجر ، لقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فما دام لم يتيقن أن الفجر قد طلع فله الأكل ولو كان شاكاً حتى يتيقن" انتهى .
"فتاوى الصيام" (ص299) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب